باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

د.مزمل أبو القاسم: أصحاب الهِمم

1٬825
* مررت بعد نهاية مباراة المريخ ومولودية العاصمة الجزائري بشارع الأربعين، فرصدت مسيرات الفرح، ومظاهر الابتهاج التي سيطرت على منطقة ملتهبة، شكلت هاجساً كبيراً للسلطات الأمنية خلال الشهرين الماضيين، بتوالي اندلاع المظاهرات فيها، وما صاحبها من حرق للإطارات، وإغلاق للطريق بالحجارة والمتاريس، وإطلاق كثيف للبمبان.
*شارع رئيسي، شهد سقوط أحد الشباب رمياً بالرصاص، أطلق فيه المشجعون العنان لأبواق سياراتهم، تعبيراً على سعادتهم بفوز المريخ وتأهله إلى نصف نهائي بطولة كأس الشيخ زايد للأندية العربية، بعد أن تفوق على عدد من أفضل وأشهر وأقوى وأغنى الأندية العربية.
* قلت للزميل ضياء الدين بلال إن المباراة المذكورة شكلت قبل بدايتها هاجساً كبيراً للسلطات الأمنية، فخصصت المئات من عناصرها لحفظ الأمن فيها، تحسباً لاحتمال خسارة المريخ، وتحول المباراة إلى مظاهرة كبيرة، تشبه التي خرجت من إستاد الهلال، يوم خسر الأزرق أمام الإفريقي التونسي، وفارق دوري أبطال إفريقيا.
* فاز المريخ فسادت البهجة، ورقص الشباب في الشوارع طرباً، وشاركهم بعض أفراد القوات الأمنية المرابطة في شارع الأربعين الفرح برفع أعلام المريخ والسودان حتى في التاتشرات!
* لخص المشهد الجميل ما يمكن للرياضة أن تفعله بين شباب لا يجدون ملاعب تحتضنهم، ولا مناشط توظف طاقاتهم، ولا اتحادات تطور مواهبهم، ولا وزارة تنفق عليهم، وتهتم بتصقل قدراتهم.
* لن يصدق أحد أن السودان الرائد في مجال الرياضة لا يمتلك أي صالة ألعاب رياضية بمواصفات دولية حتى اللحظة، وأن الدولة التي عجزت عن إكمال المدينة الرياضية لثلاثين عام، استكثرت تخصيص وزارة للشباب، وحولتها إلى مجلس أعلى، لم تتكرم حتى اللحظة بإعداد قانون له، بل لم تهتم حتى بتكوين المجلس نفسه، ليبقى صديقي سعادة السفير معاوية عثمان خالد رئيساً لمؤسسة عاجيزة، تتكون من رأس يعوزه الجسد.
* بعثة السودان المشاركة في الأولمبياد الخاص العالمي، المقام في العاصمة الإماراتية أبوظبي لم تحظ بالعناية التي تستحقها، مع أن البطولة المذكورة تمثل أكبر حدث رياضي إنساني في العالم أجمع، لأنه مخصص لتفعيل نشاط أصحاب الحاجات الخاصة، وأصحاب الهمم، الذين يعانون من الإعاقة الذهنية.
* محفل رياضي وإنساني ضخم، يشارك فيه أكثر من سبعة آلاف رياضي، من (170) دولة، انحصرت تحضيرات منتخب السودان المشارك فيه على معسكر إعداد قصير أقيم في الأبيض، وشكا د. عادل محمد موسى، المدير الوطني للأولمبياد أن لاعبيه يمتلكون لبسة وحيدة، يؤدون بها التدريبات صباح مساء، وذكر أنهم طلبوا من المجلس الأعلى للشباب والرياضة أن يوفر لهم زياً رياضياً للبعثة فاعتذر ورفض!
* المؤلم أن أحد اللاعبين، من ذوي الإعاقات فوق المتوسطة حرمته ظروفه من توفير زي رياضي يمكنه من ممارسة تدريباته، فتطوع زملاؤه بالتبرع له، واشتروا له حقيبة تحوي المعدات الرياضية المطلوبة، في واحدة من أجمل صور التكافل بين أفراد تلك الفئة المهملة.
* سنأسى كثيراً على حال منتخبنا، إذا ما قارناه بحال المنتخب الفلسطيني، الذي يضم (300) فرداً، خضعوا جميعاً لمعسكر إعدادي في الدنمارك، لتحضير لاعبيه للأولمبياد الخاص.
* المشاركة ستتم (بالشيرنغ)، لأن التذاكر أتتهم بتبرع كريم من السيدة وداد بابكر، حرم رئيس الجمهورية، بينما أقيم المعسكر في مدينة الشباب بالأبيض، وما زالت تكلفة المشاركة البالغة أربعة ملايين جنيه في طي الغيب!
* يحدث ذلك للرياضة، في وقتٍ تنفق فيه مليارات الجنيهات على أنشطة شبابية خالية من كل محتوى، لا يهتم بها أحد، ولا يشارك فيها إلا ثلة من المترفين المسيسين، الذين يتاجرون بقضايا الشباب، ويتكسبون منها أكثر مما يخدمون الشباب ورياضتهم المهملة المسكينة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: