باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

الصادق الرزيقي: فوق الشبهات ..

423

أمس الأول تم إستدعاء عدد من الصحافيين بواسطة جهاز الامن والمخابرات الوطني ، للتحقيق معهم حول زيارة قاموا بها إلي المملكة العربية السعودية بناء علي دعوة من وزارة الإعلام هناك ، و صباح أمس أبلغت السلطات في مطار الخرطوم اربعة من الزملاء الصحفيين بأنه لا يمكنهم السفر للخارج ، كانوا في طريقهم الي مدينة جدة للمشاركة في منتدي صحفي بدعوة أيضاً من وزارة الاعلام السعودية ، ولأول مرة في تاريخ البلاد يتم إجراء بهذا الحجم والعدد والنوع لصحفيين لا يمكن أن تسرب أبداً شك في إخلاصهم لوطنهم ونقاء سريرتهم وخلو صحائفهم من ما يشين ..
بما أن المعلومة كانت متوفرة حول سفر الوفد الاول ومتاحة في شأن مغادرة الوفد الثاني ، إلا أن الإجراء الذي تعرض له إخوتنا وزملاءنا مع عميق إحترامنا وتقديرنا للأجهزة الامنية كان مفاجئاً للاسرة الصحفية ومن ثم عُد عند البعض غريباً وغير مقبول ، لأنه يفتح الباب واسعاً للتأويل والتفسير والتشكيك في هؤلاء الزملاء الذين نشهد لهم جميعاً بمحامد جمة و أخلاق رفيعة وسلوك مهني قويم يسمو فوق أي تهمة أو شبهات ، وكان يمكن معالجة هذا الامر إن كانت توجد معلومات لا نعرفها بطريقة اخري تقلل من حجم التحوير الكثيف والظلال التي تراءت بعد عملية الاستدعاء ومنع السفر .
من حيث المبدأ العام لا يمكن هضم عملية إنتهاك حرية الصحفي في التنقل والحركة ، فالحقوق الدستورية والقانونية لا تمنع كائناً من كان دعك من صحفي يعمل في مجاله من السفر والعودة الا اذا كان في تنقلاته وحركته وسفره وجولاته ما يمس الأمن القومي أو يهدد مصلحة البلاد العليا أو يستجلب في ترحاله خطراً ماحقاً لا يمكن درءه ، ويكون طبقاً لهذا ووقفاً لما تنطوي عليه الدساتير والقوانين ووثيقة الحقوق والعهود المرعية دولياً و محلياً ، لا يمكن اعتبار سفر الصحفي لأي مهمة صحفية مهما كانت ، جريرة تستوجب محاسبته او التشهير به وتخوينه .
السياق الذي تمت فيه زيارة الوفد الصحفي الاول الذي ذهب وعاد ، كانت تقديراتها حسب ما نعلم لدي الاخوة الصحفيين الذين زاروا السعودية واضحة في مظهرها ومخبرها ، مؤداها الاول والاخير أن هناك علاقة وطيدة بين البلدين توجت بدماء سودانية ذكية روت تراب المملكة دفاعاً عنها ، ويوجد جنود من القوات المسلحة السودانية يقاتلون دفاعاً عن أرض الحرمين ، ووصل التنسيق السياسي بين البلدين وتطورت العلاقات الثنائية ووصلت الي مرحلة فيها الكثير من التطابق والتعاون ، ولم ير اياً منهم ان هناك منقصة في زيارة المملكة والاقتراب من ما يجري في الحرب الدائرة في حدودها مع اليمن ومناقشة تطورات الحرب ومعرفة بواعث التذمر لدي الرأي العام السوداني من تباطوء و إحجام الحكومة السعودية في نجدة السودان في أزمة الوقود الحالية كما سارع السودان لنجدتها بعد شنّ الحوثيين حربهم علي أرض الحجاز .
ربما كانت هذه هي تقديرات الزملاء الصحفيين ولهم الحق في ذلك ، فلا غضاضة في الأمر في مقصده العام و لا شبهة فيه ، قد تكون هناك أجزاء أخري من الصورة غير مرئية بالكامل للمتابعين من بعيد ، تعلمها الاجهزة الامنية و لها فيها و حولها تبريرات ومعلومات و تكيفات ، و ثمة ملاحظات قادت الي ما تم من إستدعاء للقادمين و منع للمغادرين ، لكن لم تبلغ مبلغ الظن والاشتباه ، وهي اجراءات كنا نتمني ألا تكون ان كانت هناك فسحة للتنسيق والترتيب كما يحدق في بلدان كثيرة في محيطنا القريب ، حيث يتم سفر الوفود الاعلامية بتنسيقات إما من الجانب الرسمي أو من نقابات و إتحادات الصحفيين حتي تكون الامور كلها واضحة و جلية لا تتعرض للتشويش .
تكمن خطورة مهنة الصحافة في أنها مهنة تعني بجمع و نشر المعلومات والبيانات علي المجتمع بغرض التداول وتوجيه الرأي العام ، لذلك تكون تحركات الوفود الصحفية جالبة للاهتمام والاستفهام و محط الأنظار والترقب والتساؤل ، ودائما ما ينظر للصحفي في كل مكان من العالم نظرة خاصة لما يمتلكه من رصيد وافر ومعلومات و قدرة علي إستكناه الأمور و الغوص في أغوارها ، فقدر الصحفي أنه معرض باستمرار لمثل هذه المواقف ويكون بريئاً في أكثرها من الاباطيل ، ونأمل ان لا تكون صحافتنا زلِقة في الوحول و أن لا تقع في الافخاخ المنصوبة ، فهي صحافة وطنية يقوم عليها صحافيون وطنيون …

التعليقات مغلقة.

error: